الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: السلوك لمعرفة دول الملوك **
أهل المحرم يوم الأربعاء وهو ثالث عشر مسرى من شهور قبط مصر وفيه نودي بوفاء النيل ستة عشر ذراعاً ففتح الخليج على العادة. وفي أول ربيع الأول: قدم الأمير منجك نائب الشام بتقدمة سنية فخلع عليه وقبل تقدمته ثم أعيد بعد أيام إلى نيابته وأعيد تاج الدين عبد الوهاب بن السبكي إلى قضاء دمشق عوضاً عن سراج الدين عمر البلقيني. وفي ليلة عشرينه: ولد للسلطان ولد سماه أحمد فدقت البشائر ثلاثة أيام. وفي يومه: ولى الأمير قَشْتَمُر المنصوري نيابة حلب عوضاً عن أسنبغا بن البوبكرى. وقدم رسول متملك القسطنطينية وصحبته بطريق الملكانية. وفي يوم الاثنين ثامن ربيع الآخر: استقر الأمير الأكز الكشلاوي وزيراً عوضاً عن علم الدين إبراهيم الحليق بن قزوينة مضافاً إلى الإستادارية. واستقر ابن قزونية في نظر الخاص عوضاً عن الشمس المقسي واستقر المقسي في نظر الإصطبل عوضاً عن شمس الدين بن الموفق وخلع عليهم.وفي يوم السبت ثالث عاشره: سار السلطان إلى ناحية طنان للصيد ومضى إلى الإسكندرية فدخلها يوم الجمعة رابع جماد الأولى وقد زينت زينة عظيمة القدر وترجل جميع الأمراء من باب رشيد إلى باب البحر في ركابه فرمى بالمجانيق بين يديه. ثم عاد من الباب الأخضر إلى دار السلطان وجلس على التخت بها ومدَّ السماط فأكل الأمراء ثم رفع فلما أذن العصر ركب السلطان ودخل إلى دار الطراز وصعد إلى القصر ثم عاد إلى المخيم بباب رشيد من آخر النهار وتوجه في يوم الأحد إلى القاهرة فصعد قلعة الجبل. وفي سابع عشرينه: جمع الأمراء وقضاة القضاة بالإيوان من القلعة وعقد لخوند سارة أخت السلطان على الأمير بشتاك رأس نوبة بصداق حملته خمسة عشر ألف دينار وأربعماية ألف درهم فضة عنها نحو العشرين ألف دينار. وكان الذي تولى عقد النكاح بينهما قاضي القضاة سراج الدين عمر الهندي الحنفي وأنكر عليه بعض الفقهاء عقد النكاح من أجل أن الزوج قد مسه الرق فألف في جواز ذلك كتاباً. وفي ثامن عشرينه: قبض على الأمير الأكز الوزير وعوق بقاعة الصاحب من القلعة. وخلع على شمس الدين أبي الفرج المقسى واستقر في الوزارة ونظر الخاص وخلع على الوزير علم الدين إبراهيم بن قزوينة واستقر في نظر الإصطبل عوضاً عن المقسى وأخرج الأمير آقبغا عبد الله الدوادار منفياً. وخلع على الأمير أقتمر الحنبلي واستقر في نظر الخانكاه الناصرية بسرياقوس. وفي رابع عشرين شهر رجب: قبض على أرغون العجمي الساقي - من المماليك السلطانية - ونفي إلى الشام من أجل أنه فقد للسلطان جواهر نفيسة القدر فلم يعرف لها خبر فأحضر بعض الفرنج منها حجراً رابعاً - يعرف بوجه الفرس - إلى الأمير مَنْجَك نائب الشام فعرفه وسأل الفرنجى عن سبب وصوله إليه فذكر أن أرغون هذا باعه إياه فبعث به إلى السلطان وطالعه بالخبر فقبض على أرغون فلم يوجد معه من ثمن الحجر المذكور كبير شيء فعفا السلطان عنه ونفاه. وفي يوم الأثنين أول شهر رمضان: أعيد ابن عرام إلى نيابة الإسكندرية عوضاً عن طيدمر البالسي بحكم استعفائه. وفي يوم الخميس رابعه: خلع على الصاحب علم الدين إبراهيم الحليق بن قزوينة إلى الوزارة واستقر المقسي على نظر الخاص فقط وأضيف إليه نظر أملاك خوند بركة أم السلطان وأوقافها. وفي ليلية الجمعة خامسه: هبت بالقاهرة وأعمالها رياح عاصفة سقط منها نخيل كثيرة وأعالي عدة من الدور وغرقت سفن متعددة فهلك تحت الردم جماعة من الناس وكان أمراً مهولاً عامة تلك الليلة. وفي يوم السبت عشرينه: تنكر السلطان على الأمير أقتمر الحنبلي لكلام جرى بينه وبين الأمير ألجاي وأمر بنفيه إلى الشام واستقر عوضه دوادار الأمير منكوتَمُر عبد الغني بإمرة طبلخاناه وخلع عليه في يوم الإثنين ثاني عشرينه وخلع فيه أيضاً على الأمير بهادر الجمالي واستقر أستادار وأنعم عليه بتقدمة ألف. وفي أول شوال: قدم البريد من حلب بأن الأمير قَشْتَمُر نائب حلب أخذ سيس من الأرمن وعاد إلى حلب فغلب الأرمن عليها بعد عوده. وفي أول شهر ذي القعدة: قبض الصاحب علم الدين إبراهيم بن قزوينة على كريم الدين عبد الكريم بن الرويهب من أجل أنه بلغه أنه يسعى في الوزارة. وفي رابع عشره: أخذ قاع النيل فكان خمسة أذرع وعشرين إصبعاً. وفي يوم الإثنين تاسع عشره: قدم الأمير بَيدمُر نايب الشام صحبة الأمير ناصر الدين محمد بن قُمارى أمير شكار وقد وكب البريد لإحضاره فأمر به إلى الأمير علاى الدين علي بن محمد بن كَلَفْت فسجنه بقاعة الصاحب وألزمه بحمل ثلاثمائة ألف دينار وعصره في يوم الأربعاء حادي عشرينه فحمل منه ماية ألف دينار و خرج إلى دمشق ليؤدي بقية ما ألزم به ثم ينفى إلى طرسوس. وكان قد استقر عوضه في نيابة الشام الأمير منجك. وفي هذا الشهر: خرج ببلاد الشام جراد مضر وكثر بها الفأر في البيادر فتلفت الغلال وفشا بها الوباء. وكثر الخوف ببلاد الساحل من الفرنج والعشمير. ووصل إلى صيدا عدة من مراكب الفرنج فحاربوا المسلمين ورجعوا خايبين. وفي يوم الجمعة ثالث عشرينه: تجمعت الغوغاء من زعر العامة بأراضي اللوق خارج القاهرة للشلاق فقتل بينهم واحد منهم فركب والي القاهرة الشريف بَكتمُر وأركب معه الأمير علاى الدين على بن كَلَفت الحاجب والأمير أقبغا اليوسفي الحاجب وقصد المشالقين ففروا منهم وبقى من هناك من النظارة فضرب عدة منهم بالمقارع. فتعصبت العامة ووقفوا تحت القلعة في يوم الثلاثاء وأصبحوا يوم الأربعاء ثامن عشرينه كذلك وهم يستغيثون ويضجون بالشكوى من الوالي فأجيبوا بأن السلطان يعزل عنكم هذا الوالي فأبوا إلا أن يسلمه إليهم هو والحاجبين. وكان الوالي قد ركب على عادته بكرة النهار يريد القلعة فرجمته العامة حتى كاد يهلك فالتجأ منهم بالإصطبل وظل نهاره فيه والعامة وقوف تحت القلعة إلى قريب العصر وكلما أمروا بأن يمضوا أبوا ولجوا فركب إليهم الوالي في جمع موفور من مماليك الأمير بَكتمُر المومني أمير آخور ومن الأوجاقية فثارت العامة ورجمتهم رجماً متداركاً حتى كسروهم كسرة قبيحة فركبت المماليك السلطانية والأوجاقية وحملوا على العامة وقتلوا منهم جماعة وقبضوا على خلائق منهم وركب الأمير ألجاي اليوسفي وقسم الخطط والحارات على الأمراء والمماليك وأمرهم بوضع السيف في الناس فجرت خطوب شنيعة قتل فيها خلائق ذهبت دماؤهم هدراً وأودعت السجون منهم طوائف وامتدت أيدي الأجناد إلى العامة حتى أنه كان الجندي يدخل إلى حانوت البياع من المتعيشين ويذبحه ويمضي. وحكى بعضهم أنه قتل بيده في هذه الواقعة من العامة سبعة عشر رجلاً. وكانت ليلة الخميس تاسع عشرينه: من ليالي السوء وأصبح الناس وقد بلغ السلطان الخبر فشق عليه وأنكره وقال للأمير بكتمر المومني عجلت بالأضحية على الناس وتوعده فرجف فؤاده ونحب قلبه وقام فلم يزل صاحب فراش حتى مات وأمر السلطان بالإفراج عن المسجونين ونودي بالأمان وفتح الأسواق ففتحت وقد كان الناس قد أصبحوا على تخوف شديد لما مر بهم في الليل. وفيه خلع على الأمير حسام الدين حسين بن الكوراني والي مصر واستقر في ولاية القاهرة عوضاً عن الشريف بكتمر.وأتفق في هذا الشهر: أيضاً أن ناصر الدين محمد بن مسلم - كبير تجار مصر - سافر للقاء بضائع قدمت له من الهند بقوص فأشاع ولده في الناس موت أبيه وعمل عزاه واجتمع بالسلطان وسأله أن يقوم عوض أبيه في المتجر ووعد بحمل خمسين ألف دينار فخلع عليه ونزل فأخذ في حمل ما وعد به حتى أتى على مبلغ كبير منه. فبينما هو في ذلك إذ قدم كتاب أبيه في بعض حاجاته فسر أهله بحياته وبعث إليه بما كان من مولده فبادر إلى المجيء واجتمع بأهل الدولة وبالسلطان فاعتذروا إليه بما كان من ولده ورسم له أن يعتد له بما حمل ولده في نظير ما يرد له من البضائع ويحاسب به مما عليه للديوان وخلع عليه فكان ذلك أيضاً من شنيع ما وقع. واتفق أيضاً أن بني كلاب كثر فسادهم وقطعم الطريق فيما بين حماة وحلب وأخذوا بعض الحجاج فخرج إليهم الأمير قشتمر نائب حلب بالعسكر حتى أتوا تل السلطان بظاهر حلب فإذا عدة من مضارب عرب آل فضل فاستاق العسكر جمالهم ومواشيهم ومالوا على بيوت العرب فنهبوها. فثارت العرب بهم وقاتلوهم واستنجدوا من قرب منهم من بنى مهنا وأتاهم الأمير حيار وولده نعير بجمع كبير فكانت معركة شنيعة قتل فيها الأمير قشتمر النايب وولده وعدة من عسكره وانهزم باقيهم فركب العرب أقفيتهم فلم ينج منهم عرياناً إلا من شاء الله وفي يوم الجمعة ثامن ذي الحجة: قدم الخبر بنزول أربع قطايع على الإسكندرية من الفرنج وأنهم رموا على المدينة بمنجنيق فخرج تلك الليلة ثلاثة وعشرون أميراً منهم ثلاثة من الألوف وعشرة من الطبلخاناه وعشرة من أمراء العشرات فقدم الخبر في عشية السبت أن المغاربة والتركمان نزلوا في المراكب وقاتلوا الفرنج وقتلوا منهم نحو المائة وغنموا منهم مركباً. وفي خامس عشره: خرج على البريد الأمير قطلوبغا الشعباني ليسير بالأمير أشَقتمر المارديني إلى حلب وكتب معه تقليده بالنيابة وحملت إليه الخلعة وأن يقلد الأمير زامل إمرة العرب عوضاً عن حيار بن مهنا فاستقر الأمير أَشَقتمر في نيابة حلب ووجد العرب قد شرقوا. وفيه توجه الأمير ناصر الدين محمد بن الأمير سرتقطاى في الرسالة إلى أويس متملك بغداد. واستقر جمال الدين محمد بن عبد الرحيم بن علي بن عبد الملك المسلاني في قضاء المالكية بدمشق عوضاً عن سرى الدين إسماعيل بن محمد بن محمد بن هاني الأندلسي واستقر الأمير بيبغا القوصوني كاشف القليوبية والأمير محمد بك الشيخوني في نيابة غزة والشريف بكتمر في ولاية قطيا عوضاً عن ابن الطشلاقي والأمير بكتمر أستادار الطويل في ولاية قوص والأمير أسندمر الخضري في البحيرة عوضاً عن ابن معين والأمير قطلوبك السيفي في ولاية مصر وأنعم على الأمير محمد بن طرغاي بإمرة طبلخاناه واستقر أستادار وارتجع عن الأمير أَسَندَمر المظفري تقدمته وعوض طبلخاناة لعجزه عن الخدمة من مرض وأنعم على كل من الأمير بَتْشَاك العمري والأمير بهادر الجمالي بإمرة ماية تقدمة ألف وعلى كل من الأمير بيبغا القوصوني وصراي الإدريسي وأحمد بن أقتمر عبد الغني وأحمد بن قنغلى وطَقتمُر الحسنى وخليل بن قمارى وأرغون شاه الأشرفي وحسين بن الكوراني بإمرة طبلخاناه وعلى كل من جلبان العلاى ومحمد بن لاجين وأسنبغا النظامي ومحمد بن قطلوبغا المحمدي وعمر بن أسن البوبكرى بإمرة عشرة. وفي هذه السنة: حجت خوند بركة أم السلطان في تجمل عظيم ومعها الكوسات والعصايب السلطانية وعدة جمال تحمل الخضر المزروعة وفي خدمتها الأمير بشتاك العمري والأمير بهادر الجمالي وماية من المماليك السلطانية. ومات في هذه السنة من الأعيان الأمير إبراهيم ابن الأمير صَرغَتْمش الناصري أحد العشرات في تاسع شوال ودفن بمدرسة أبيه. ومات الأديب الموالي أحمد بن محمد بن أحمد المعروف بالفار طرنجي العالية.ومات الأمير أرغون علي بك الأزقي نائب غزة وأحد أمراء الألوف رأس نوبة في أول جمادى الآخرة. ومات تقي الدين حسن بن محمد بن فتيان كاتب سر طرابلس. ومات الأمير خليل بن علي بن الأمير سلار النائب أحد الطبلخاناه. ومات الأمير الطواشي ناصر الدين شفيع أحد العشرات ونائب مقدم المماليك في ثامن شعبان. ومات الأمير طُغاى الفخري - أحد الطبلخاناه - غريقاً بالنيل. ومات قاضي الحنفية بدمشق جمال الدين محمود بن أحمد بن مسعود أحد فقهاء الحنفية الأعيان. ومات شمس الدين محمد بن خلف بن كامل الغزي أحد نواب الحكم بدمشق وأعيان الفقهاء الشافعية وله رحلة إلى القاهرة. وتوفي ناصر الدين محمد بن تقي الدين عبد القاهر بن الوزير الصاحب ضياء الدين أبي بكر بن عبد الله بن أحمد بن منصور بن أحمد النشابي أحد موقعي الدست في يوم الثلاثاء ثاني عشر ذي الحجة عن اثنتين وخمسين سنة.ومات عماد الدين محمد بن موسى بن سليمان بن محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الوهاب بن عبد الله بن علي بن أحمد بن الشيرحي محتسب دمشق وناظر الخزانة بها. ومات بدر الدين محمد بن الجمال محمد بن الكمال أحمد بن محمد بن الشريشي الشافعي برع في الفقه واللغة وقال الشعر. ومات الأمير محمد بن الأمير طقبغا الماجاري صاووق أحد الطبلخاناه. ومات الأديب الشاعر شمس الدين محمد بن تقي الدين على الواسطي في شهر رجب. ومات الأمير ألطنبغا المؤمني الجوكندار أحد العشرات في صفر. ومات الأمير أقَتمُر عبد الغني الصغير - أحد العشرات - في تاسع عشرين شهر رمضان. ومات الأمير أزكا السيفي أحد الطبلخاناه. ومات متملك تونس أبو إسحاق إبراهيم بن أبي بكر بن يحيى بن إبراهيم بن يحيى في العشرين من رجب بعد ما ملك تسع عشرة سنة وشهرين فقام بعده ابنه أبو البقاء خالد.
|